الوسائل التعليمية الحديثة
كما تعلمناها
من
معلم البشرية الأول
محمد صلى الله عليه وسلم
بقلم المعلمة :
سمر علي نزال
انشغل المعلمون هذه الأيام في البحث عن التقنيات
والوسائط المتعددة لتسخيرها في تثبيت المعلومات المتنوعة في ذهن الطلاب حيث يتم من
خلالها استغلال أكبر قدر من حواس المتعلم
واستثمار الوقت في أحداث تعلم كمي ونوعي أكبر ليتم تقريب المفاهيم والمعارف وإكتساب الطالب المهارات بصورة أدق وأسرع ....
فكان من طرائق التعلم :
التعلم التفاعلي والتعاوني والذاتي والدرامي والنشط ,
تأملت هذه الطرائق جيدا فوجدتها رغم جدتها إلا أنها معروفة قبل ألف وأربعمائة وأربع وثلاثين
عاما ..
نعم
وجدت أن المعلم الأول للبشرية محمد صلى الله عليه وسلم
قد علمنا
الوسائل وأمدنا بالطرائق الحديثة المتبعة اليوم للتعليم قبل مئات السنين ...
وقد استنبطت من المواقف التي مرت بالمعلم الأول للبشرية مع صحابته
هذه الوسائل فيها ما يغنينا ويسعدنا
بل ويثلج صدورنا وهي كثر
ولكني أقتطف من هذه
الباقة
ما هو مطلوب
لسير الحصة الدراسية
بطريقة شائقة ممتعة ..
فبداية الحصة
لابد من التشويق
وهذا ما
نجده في هذا الموقف
جلس الرسول صلى الله عليه وسلم يوما مع أصحابه فقال :
من أعطى فشكر
وابتلى فصبر
وظلم فاستغفر
وظٌلم فغفر
ثم سكت ( نجد أسلوب التشويق )
حتى سأله
أصحابه :
ماذا لهم يا رسول الله ؟
فقال : أولئك لهم الأمن وهم مهتدون .
ألا يحمل الموقف عنصر التشويق ..؟؟
حيث التعلم التفاعلي مع المسموع تحليلا ,
والمواقف التي تحمل عنصر التشويق كثيرة .
نأتي للدرس كيف نقدم المعلومات ؟
وما هي الوسائل المتبعة الحديثة ؟
هذا سعد بن أبي وقاص
يسأل المعلم الأول للبشرية
أن يدعو الله له ليكون
مستجاب الدعوة ..
فبماذا أجابه المعلم الأول ؟
بدأ الرسول الكلام مستخدما أسلوب
النداء قائلا :
يا سعد ..(ونحن نعلم أن أسلوب النداء له أغراض بلاغية منها التنبيه
والتشويق )
( ثم أتبع كلامه صلى الله عليه وسلم بأسلوب الشرط )
أطب مطعمك تكن
مستجاب الدعوة ...
وهنا نلاحظ كيف يعلمنا المعلم الأول المبدأ التربوي ( علمه كيف يتعلم )
وهذا تعلم ذاتي بوصفه تعلما مستمرا دائما
يعزز مهارات البحث والاستكشاف .
وهذه الطريقة نسميها الاستقصاء
و نستخدمها مع الطلاب من خلال الدرس
أما طريقة التعلم بالأقران
وهي طريقة من طرائق التعلم
فقد حققها
الرسول صلى الله عليه وسلم
في أسرى غزة بدر عندما طلب من كل أسير أن يعلم عشرة من أبناء
المسلمين القراءة والكتابة يفتدي بها نفسه .
طريقة (ضرب الأمثال )
وفيها توضيح القضية
بالمثل
لتنتقل إلينا في صورة حسية وهذا ما نجده في حديث
معلم البشرية
(إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل
المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه
ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد ريحاً خبيثة)).
المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً وشبك
بين أصابعه والأمثلة كثيرة نتعلم منها أن من طرائق التدريس ضرب الأمثال لتتضح
الصورة وتقترب من الأذهان يسهل استدعاؤها وقت الحاجة .
ومن طرائق التدريس
استراتيجية رسم الخريطة الذهنية
حيث كونها من الطرق التي أُلفت لها الكتب
وقدمت عنها المحاضرات الكثيرة
وهي طريقة علمنا إياها المعلم الأول .
ورد في
السنة المطهرة أن الرسول لجأ في بعض المواقف التعليمية إلى استخدام الرسم في تعليم
أصحابه رضي الله عنهم
لتوضيح بعض المعاني المجردة لهم..
وهذه وسيلة تعليـمية
ناجحة، إذ من المسلمات لدى التربويين في الوقت الراهن أنه
كلما زاد عدد الحواس
التي تشترك في الموقف التعليمي،
زادت فرص الإدراك والفهم،
كما أن المتعلم يحتفظ
بأثر التعليم فترة أطول. وفي هذا الصدد يقول
الصباغ:
(أما الرسم فإنه أسلوب تعليمي
يجلو الأمر ويوضحه أتم توضيح، وإنه لمستوى رفيع في التوجيه والإبلاغ
عن ابن
مسعود رضي الله عنه قال:
( خط النبي خطًا مربعًا وخط خطًا في الوسط خارجًا منه،
وخط خططًا -وفي رواية في فتح الباري خطوطًا - صغارًا إلى هذا الذي في الوسط من
جانبه الذي في الوســـط، فقال: هذا الإنــسان، وهذا أجله محـــيط به -أو قد أحاط
به - وهذا الذي هو خارج أمله، وهذه الخطط الصغار الأعراض، فإن أخطأه هذا نهشه هذا،
وإن أخطأه هذا نهشه هذا )
.
ومن
طرائق التدريس
ما ندعو
له الآن من تقديم
العروض التقدمية
نظن
أنها تواكب التطور الحديث رغم أنها وسيلة عرفت قبل وقتنا هذا بكثير
فمعلم
البشرية يستخدم العروض التقدمية
عند قيامه
بالوضوء أمام الصحابة،
ثم قوله: (من توضأ وضوئي هذا)
, وعندما قال لأصحابه
(صلوا كما رأيتموني أصلي )
.
أما
التعلم التعاوني
الذي ندعو له فحياة معلم البشرية كلها تعاون في السلم والحرب بين
صحابته وبين أهل بيته .
ففي غزوة الخندق قدم معلم البشرية لنا
انموذجا حيا للتعاون البناء وللقيادة العظيمة.
نرى النبي – صلى الله عليه وسلم – يضرب لنا أروع
الأمثلة فى حياته على التعاون في غزوة الخندق عندما تعاون مع المسلمين في حفر
الخندق في ظل ظروف صعبة جدَّا ..
فالجو كان في غاية البرودة .. ولا بد من إنجاز
الحفر في أسرع وقت .. فقسم الرسول العمل على أصحابه .. وجعل لنفسه نصيبًا من العمل
..
فكان يحفر معهم .. ويحمل التراب بنفسه مثل باقي الصحابة وهو في السابعة
والخمسين من عمره ،ضاربًا المثل الأعلى والقدوة الحسنة لأصحابه .
. وأنه مثلهم يعمل
كما يعملون .. ويبذل جهدًا كما يبذلون. ..
وبفضل هذا التعاون أتم
المسلمون حفر الخندق في ستة أيام .. على الرغم من طوله واتساع عرضه وعمقه ..
وصلابة الأرض الصخرية التي تم الحفر فيها .. ولما جاء المشركون فوجئوا بهذا الخندق
.. واندهشوا من قدرة المسلمين على إنجاز هذا العمل الجبار في هذا الوقت القصير
وبهذه الأعداد القليلة!
بعد هجرة النبي- صلى الله عليه وسلم- إلى
المدينة بدأ في بناء مسجد للمسلمين يصلون فيه ، ويجتمعون فيه لبحث شئون حياتهم ،
واشترك النبي بنفسه في البناء، فكان- صلى الله عليه وسلم- يحمل مثل أصحابه التراب
والطوب ، وكان عمره في ذلك الوقت - وهو يعمل - ثلاثًا وخمسين سنة ، ولم تمنعه سنه
ولا مكانته العالية من أن يتعاون مع أصحابه في بناء المسجد ، وظل يعمل معهم حتى
اكتمل بناء المسجد ، الذي كانت أعمدته من جذوع
النخل ، وسقفه من الجريد.
ابحث عن
كل الوسائل التعليمية فستجد لها مرجعا كتبته لنا السنة النبوية
(ولكم في رسول الله أسوة
حسنة(
و إذا أردنا أن
نختم الحصة الدرسية
فلابد من
التقويم
وهو إصدار حكم على قيمة الشيء
بالنسبة لهدف معين ..
كالحكم على صحة الآراء أو
تقويم الأخطاء
فنختمها أما كما بدأناها بلغز شائق يقول معلم البشرية
والله لا يؤمن
والله لا يؤمن
والله لا يؤمن
كررها ثلاثا فيها من التشويق ما فيها !
قيل من يا رسول الله ؟ قال الذي لا يأمن من جاره
بوائقه .
لذلك لو أردنا
أن نقدم الحصة الدراسية بتميز علينا أن نتبع منهج المعلم الأول فهو منهج رباني صالح لكل زمان ومكان ..
ولو أردنا أن نتعلم التخطيط
لكل درس فلننظر كيف خطط معلم البشرية لرحلته من
مكة إلى المدينة ولنقس على ذلك ...
نحدد الهدف
ثم الزمن المناسب
ثم الوسائل
لتحقيق
الهدف
علينا جميعا أن نعلم أن العصر الذي نعيشه
، هو
عصر التنظيم والتخطيط لنجاح كل عمل يريده الإنسان في حياته ،
وهو زمان حسن الضبط
والتدبير والترشيد للأمور والأعمال
حياة المعلم
الأول هي مدرسة صالحة لكل زمان ومكان
فعلينا أن نتعلم
منها كيف نتعلم ونعلم غيرنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق